مسابقات الرؤى في الإبداع والنقد / السلسلة الثانية 2024 / مسابقة الرؤى المسرحية 1 / في إبداع النص المسرحي من الفصل الواحد / الرتبة الفضية: الأستاذ كريم وهبه / مصر / مسرحية: حديث الكلب
مسابقات الرؤى في الإبداع والنقد
السلسلة الثانية 2024
مسابقة الرؤى المسرحية 1
في إبداع النص المسرحي من الفصل الواحد
————————————
الرتبة الفضية
الأستاذ كريم وهبه / مصر
مسرحية: حديث الكلب
(يرفع الستار وتضاء الأنوار تدريجيًا، ونرى الكلب يمر على خشبة المسرح على أربع. ينظر حوله ليتأكد من خلو المكان ثم ينهض على قامتيه، يذهب إلى المكتبة على يمين المسرح يخرج منها كتاب ويضع نظارة القراءة، يتجه الى كرسي هزاز على يسار المسرح ويجلس على الكرسي يقرأ في الكتاب، ومن ثم ينظر للجمهور، تضيق بؤرة الإضاءة لتحيط به وحده)
الكلب: ما أعجب البشر وما يصنعون، كيف لبعضهم بعضاً لا يخلصون، أنا مخلص لهم كما تعلمون، تضحكون؟ هل أنا الآن بحديثي أميل للجنون؟
أصوات من الأسفل: كلب يتحدث؟ بل ويقرأ أيضًا، انظر إلى من يتحدث هذا الكلب؟ ماما هل كلبنا يتحدث؟
(يستدير مجموعة من الناس إلى مصدر صوت الطفل بالأسفل، بينما يصعد الأشخاص الثلاثة الذين سبقوه بالحديث ويعتلون المسرح)
رجل١: لقد أتينا لنشاهد أناسًا لا كلابًا.
امرأة: أجل دفعت ثمن التذكرة أنا و... أين هو؟
رجل١: من هو؟
رجل٢: (يقترب) أنا هو.
امرأة: أجل هو.
الكلب: (بمزيج بين النباح والكلام) هو هو هو... فلتنتبهوا إلى حديثي أيها الحضور، وسأقص عليكم ما كان بهذا البيت يدور، أجل كان، وكان هذا بقديم الزمان، قبل أن تتعلم الكلاب نطق الكلام، كان يعيش بهذا المنزل شقيقان، وفي يوم من الأيام قرر أحدها الزواج.
(يجسد رجل١ ورجل٢ دور الشقيقين، ويرتدى رجل٢ زي عرس أثناء حديث، ويدخل مع المرأة التي تشاركه أسلوب الملابس المناسب، بينما يضع رجل١ موتيفات ديكور لشقة بسيطة بها غرفتان ومطبخ وحمام، يضاء المسرح تدريجيًّا مع وصول العروسين).
رجل١: هل فقدت على عقلك اللجام؟
رجل٢: يا أخي ليس الآن، فقد اجتمعا فقط منذ ثوان، سنتركك ونذهب إلى عشنا السعيد الأن.
رجل١: هل تمتلك ثمن إيجار لمسكن غير هذا المكان؟
رجل٢: ولماذا أحتاج أن أجد غيره، فبيتي موجود، ونصيبي محفوظ.
رجل١: بالطبع محفوظ، ولكن المكان بالكاد يتسع للاثنين.
رجل٢: لا تقلق، فزوجتي لن تشغل حيزًا كبيرًا من المكان.
الكلب: كان الشقيقان دائمًا ما يختلفان، وإلى بعضهما البعض الود لا يكنان، وحدث في يوم بعد مرور عدة أعوام، ما يلهب مشاعر الأخ تجاه زوجة أخيه، وكانت هي اليوم وحيدة، فسأل في نفسه لماذا إذا لا تطفئ لهيبه.
رجل١: أين هو أخي الآن؟
امرأة: (من المطبخ) في السوق.
رجل١: إذا سيظل هناك بطول اليوم.
امرأة: (وهي تناوله الطعام ليضعه على الطاولة وتعود للمطبخ) هكذا اعتاد دائمًا.
رجل١: أريد أن أحدثك بشيء خطير، لا يحتمل انتظارًا أو تأخيرًا.
امرأة: (تعود مسرعة) ما هو الأمر الخطير؟
رجل١: (يقف قبلها وينظر في عينيها) لا تهلعي هكذا، فإنك تصبحين أكثر جمالًا.
امرأة: هل أعتبر هذا غزلاً !؟
الكلب: وأجابها، وقد لقيت الإجابة استحسانها، ورغم أنه لم ينلها بتلك الليلة، إلا أنه أشعل الحب بقلبها، وهذا الحب يعيقه أخوه، لذلك قرر أن يثنيه.
رجل١: هيا أسرع، سنتأخر.
رجل٢: (وهو يخرج من الحمام) لحظة أخرى ونتحرك.
رجل١: إنه بالانتظار.
رجل٢: صدقًا لست مطمئنًّا للذهاب.
الكلب: كان أخوه قد ورطه، ولم يكن هناك وقت للتفكير، فالحاكم بنفسه ينتظر، ليقابل صانع الإكسير، والإكسير يبيض الوجه، ويجعله ساطعًا منيرًا.
رجل٢: (لنفسه) وكيف علم ما صنعت !؟ فإني لم أعرضه في السوق بعد، أنت الموفق يا رب.
الكلب: (للجمهور) إلى حاكم البلاد هم يتجهون، ولكن لسبب مختلف عما تعلمون، فقد سمع الأخ المنادي، بجريمة وقعت، والحاكم ينادي بتسليم المذنب وأخذ جائزة، وكانت فرصة قد انتهزها، يسلم أخاه، ويكون لامرأته زوجًا، ويحصد الجائزة وتكون مهرها. وصلوا منذ لحظات وينتظرون إذن الدخول، فلنر الآن ما قدر له بالحصول.
رجل٢: (لأخيه) أنت فصيح اللسان، ابدأ أنت مع حاكمنا الكلام.
رجل١: لا تقلق، ها هو الحاجب يأتي الآن، (يخرج ورقة مطوية) سأعطيه هذه الرسالة، فلسنا بحاجة للكلام، فقد دونت كل شيء بها، بكلام يفتح لنا أبواب الجنان.
(يتقدمون أمام الحاكم، والحاجب يفض الرسالة ويسلمها له).
الحاكم: هل ما كتب هنا صحيح؟
رجل١: بالطبع يا مولاي، هو الشخص الذي قام بهذا الصنيع. (لشقيقه) أليس صحيحًا؟
رجل٢: أجل صحيح.
الحاكم: أيها الحاجب فلتستضفه بالداخل، وأعطوه بعد أن يعلمكم بسر الكنز ما يستحق.
رجل١: وجائزتي مولاي الكريم؟
الحاكم: اذهب للخزينة، ولتأخذ منها دزينة.
الكلب: ألبس الأخ لشقيقة جريمة مشينة، وأخذ المال وعاد للمنزل بنفس حزينة، فقد كان يتمنى أن يلوذ بكل أموال الخزينة.
رجل١: (للمرأة) فلتقبلي مني نصف دزينة، هي نصيبك أيتها الأرملة المسكينة، (يحتضنها) أرجو ألا تكوني حزينة (يقترب ليقبلها).
امرأة: انتظر قليلًا حتى أضع الزينة، وأعد وجبة احتفالًا بحبنا، (تنظر لصورة زوجها المعلقة) وأيضًا لتأبينه.
الكلب: كانت تنظر إلى باقي المال وتتمناه، فقد فكرت مليًّا بأنه بعد أن يأخذ منها مبتغاه، فسوف يبيعها كما باع أخاه، فقررت أن تبدأه بالغداء قبل ان تكون هي العشاء، وعلى أصناف الطعام وضعت السموم، فكان اليوم على كلا الأخوين مشؤوم.
امرأة: خذ هذه القطعة من يدي، خذ هذه أيضًا.
رجل١: ولكني أريد قطعة أخرى.
امرأة: أي قطعة؟
رجل١: (يلمس جسدها) هذه القطعة.
(تجري بخفة أمامه، يحاول النهوض ليلحق بها، يسقط أرضًا. وتقترب منه مبتسم تراقبه)
امرأة: انهض لتلحق بأخيك، وملك الموت لكما رفيق.
الكلب: كانت نظراته لها غريبة، وإن الحياة فعلًا عجيبة، فقد ذاق طعم الخيانة، وانتقل بعد لحظات إلى عالم الأموات، ورحلت الزوجة وخلت الدار... ومع مرور الأيام اقتحم المنزل لصان، وكنت كلبهما الجرو الصغير، ووقعت زجاجة من ذاك الإكسير، أثناء بحثهما عن أي شيء يأخذانه، لعقت السائل بزجاجة الإكسير الذي كان للوجه ينير، ولكنه جعلني فصيح اللسان، والآن بعد أن علمتم كيف أمكنني الكلام، سأخبركم كيف علمت ما حدث للشقيقين.
إظلام.
كريم وهبه
مصر
تعليقات
إرسال تعليق