الرؤى الإخراجية لعروض المسرحيات التاريخية د. ضياء طوكي الحميدي / العراق.

الرؤى الإخراجية 
لعروض المسرحيات التاريخية
الباحث المسرحي 
الدكتور ضياء ضهد
العراق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرؤى الإخراجية لعروض المسرحيات التاريخية: (الإطار المنهجي / مشكلة البحث والحاجة إليه / هدف البحث / أهمية البحث / الحد الموضوعي / مشكلة البحث والحاجة إليه).
= الفصل الأول: ينظر إلى العرض المسرحي التاريخي بوصفه أحد أركان المسرح في صياغة أنساق الرؤية الإخراجية، من خلال أبعاده الفكرية والجمالية المجسدة ضمن إطار التصور الوجودي لمرحلة التجسيد نفسها، وفق آليات الرؤية المتحولة ضمن الاتجاهات الإخراجية المعاصرة وفق إسقاطاته الآنية المعاصرة، وهنا تعددت الرؤى الإخراجية التي تحاكي آليات التصور الفني، في ضوء فعلها المتجسد على خشبة المسرح، وجاء هذا البحث ليحدد المشكلة في عملية التأسيس، وإيجاد الترابط المنطقي للرؤية الإخراجية لأولئك المخرجين والكثير ممن تناولوا المسرحيات التاريخية، حسب المراحل التاريخية، وأحدث تحولًا كثيرًا في تاريخ فن الإنتاج عندما أسس "الدوق ساكس مننغن" لفن الإنتاج المسرحي، الذي يتحكم فيه المخرج، حيث التزم "الدوق" الدقة التاريخية في تقنيات العرض المسرحي "الديكور والأزياء" وأخرى، ومن بعده "أندريه أنطوان"، و"استانسلافسكي"، وكذلك من المخرجين العرب، ومنهم "رفيق الصبان"، و"سعد الله ونوس"، و"عز الدين المدني"، و"الطيب الصديقي"، و"إبراهيم جلال"، و"سامي عبد الحميد"، وآخرون، وأخذت المعالجات الإخراجية التي جاءت برؤى مختلفة للأحداث والشخوص التاريخية، إذن مشكلة البحث هي كيفية الأبعاد الفكرية والجمالية للحدث التاريخي وشخصيات تاريخية، ولهذا صاغ الباحث عنوان بحثه تحت العنوان التالي:
(الرؤى الإخراجية لعروض المسرحيات التاريخية).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= هدف البحث:
يهدف البحث إلى التعرف إلى الرؤى الإخراجية للمخرجين، الذين يتصدون لإخراج عروض مسرحية، وفق رؤاهم ومعالجاتهم في آلية الإخراج. 
= أهمية البحث: تتجلى أهمية البحث في إلقاء الضوء على رؤى المخرجين، بما يفيد الدارسين والعاملين في الحقل الإخراجي. 
= الحد الموضوعي: العروض المسرحية التاريخية، التي تناولت الوقائع التاريخية دراميًّا في عروض المسرحيات التاريخية. 
= الرؤية الإخراجية: يرى "توستنو غوف" أن المخرج يحدد من خلال مفهومه المسرحي، في أي اتجاه يسير، موجهًا رؤيته المنبثقة عن لوحة العرض المسرحي المؤلف من قبل الكاتب المسرحي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل الثاني:
الإطار النظري / المبحث الأول:
(مسرحة التاريخ: المفهوم والاشتغال):
= مسرحة التاريخ: أخذ المخرجون والكثير منهم من التاريخ وسيلة من وسائل التفكير الإبداعي والإنساني والجمالية للحدث التاريخي، إذ يعتمد الحدث التاريخي على معايير وشروط علمية رصينة في الإنتاج المسرحي التاريخي، ومن هذه المعايير: الزمان والمكان والشخصية والشخصيات، ووسائل أخرى جمالية وموضوعية وفكرية، ولهذا استند العرض المسرحي التاريخي على هذه الأسس أعلاه، والفنان المبدع، بعد مساهمة مخيلة الكاتب ورؤية المخرج، لتجسيدها على أرض الواقع، ومن إخلال أحداثه ووقائعه وشخوصه بزمانه ومكانه وبيئته، التي تساهم في بلورة مسرحة التاريخ وفق إسقاطات معاصرة، ولأن الفن عمومًا، والمسرح خصوصًا، أخذ يتعامل مع التاريخ من زاوية فلسفية، معتمدًا رؤية تفسيرية وتأويلية نقدية معاصرة، واكتشاف عناصر الصدق والتأثير والإقناع فيها، والكشف عن خفاياها الكاملة والمستترة. 
= أنواع العروض المسرحية التاريخية: عروض مسرحية للشخصية، أو الشخصيات، وفيها نوعان للعروض:
. أولًا: عروض السيرة الذاتية للشخصية، أو الشخصيات
. ثانيًّا: عروض شخصية معروفة وموثقة في زمانها ومكانها ما قدمت وأنجزت وحققت مآثر وتأثير على الآخرين وأصبحت خالدة، تتذكرها الأجيال، حسب المراحل التاريخية التي تناولت الوقائع التاريخية دراميًّا.
. ثالثًا: الحوادث التاريخية، التي حصلت عبر التاريخ، وتركت لها بصمة متميزة ومآثر، مهما كانت الأسباب التي أدت إلى ذلك الحدث التاريخي، سلبيًّا أو إيجابيًّا.
. رابعًا: العروض المسرحية التاريخية التسجيلية، والتي تعتمد على البيانات والمعلومات والوثائق العلمية الرصينة وشواهد ثابتة.
. خامسًا: العروض المسرحية التاريخية لظواهر حصلت وتركت آثارًا جانبيه على الأفراد والمجتمع والأمم، وهناك شواهد كثيرة على ذلك.
وهذه أهم أنواع العروض المسرحية التاريخية عند مسرحة التاريخ:
= اشتغال التاريخ في المسرح العالمي: إن أقدم المسرحيات التي عرفناها هي المسرحيات الإغريقية، منها التراجيديا والكوميديا، أو المأساة والملهاة، إذ يعتبر اليونان أول من اهتم بالمسرح و وضع له نظامًا خاصًّا، وعنهم أخذ هذا الفن. ومن الكتاب في زمن الإغريق الذين تناولوا المسرحيات التاريخية: الأول: "اسخليوس"، ومنها مسرحية الفرس للكاتب المسرحي. الثاني: "سوفكلس"، ومن أعماله المسرحية التاريخية اياس " الكترا" الملك أوديب، وغيره. ثالثًا: "يوربيدس" ومن أعماله المسرحية الطرواديات، ومسرحية ميديا وأخرى. أما بالنسبة إلى الكوميديا الإغريقية، كان هناك الكاتب المسرحي الإغريقي "ارستوفانيس"، ومن أعماله المسرحية التاريخية الكوميديا الزنابير والسحب، وغيرها. ثم جاءت مرحلة المسرح الروماني، وقد عرضت مسرحية ليفيوس اندر نيكوس. ثم جاء مسرح العصور الوسطى، حيث أصبحت الكنيسة قوة كبرى تسيطر على الحياة في أوربا، ومنها الأعمال التي قدمت فيها حلقات الأسرار والكرامات، ومسرحيات الفواصل وغيرها. 
= عصر النهضة: بعد أن جاء عصر النهضة، وانتشار المعرفة، على الرغم من الصراع المرير الذي واجه الشعب مع سلطة الكنيسة، ظهرت مسرحيات توثق المرحلة التاريخية، وهذا ما وجدناه في مسرحيات مكبث وعطيل ومسرحية لير وهاملت. ثم جاءت مرحلة شكسبير، وقدم مسرحيات تاريخية مهمة، منها مسرحية الملك رتشارد الثاني، والملك هنري الخامس، وغيرها، ثم انتشرت العروض المسرحية التاريخية في أوربا عمومًا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= المبحث الثاني: (المنطلقات الفكرية والجمالية لعروض المسرحيات التاريخية في المسرح الحديث والمعاصر) أخذ المخرجون على عاتقهم رؤى إخراجية متنوعة على الصعيد الفكري والثقافي والاجتماعي والتعليمي، إن كان مسموعًا أو مرئيًّا، ينتابه الشعور بالجمال من إحساس وشعور وتصور، ثم الحكم، حيث أسست عروض المسرحيات التاريخية في زمن الإغريق وما تلاه من العصور اللاحقة، على وفق المراحل الكلاسيكية، والكلاسيكية الحديثة، والرومانتيكية، إلى وضع الأسس و المرتكزات الناعمة والناضجة فكريًّا وجماليًّا لعروض المسرحيات التاريخية في عصر المسرح الحديث والمعاصر، وما رافقها من تطورات علمية في جميع عناصر العرض المسرحي، ومنها فن الإخراج، بعد أن أصبح نقطة تحول في تاريخ الإخراج، رافقها حصول تغيرات كبيرة لعموم أوربا وأمريكا لاحقًا بعد نتاجات إميل زولا في الطبيعة، وهنريك ابسن في الواقعية، حينما استبدلت الكثير من المفاهيم بمفاهيم واراء جديدة، ولهذا أن أركان العرض المسرحي هي (النص، والممثل، والمناصرة المسرحية، والأزياء، والإضاءة، والموسيقى، والمكياج، والاكسسوار )، وتأتي مهمة الإخراج في خلق وحدة فنية، من خلال التناغم والتداخل والانسجام والتفاعل والتلاقح بينهما، لتهيء جوًّا بيئيًّا وفكريًّا وجماليات مناسبة للعرض المسرحي التاريخي، لهذا هي كثيرة الآن الأعمال لعدد من المخرجين العالميين والعرب عمومًا، الذين انطلقوا بأفكارهم وإبداعاتهم الجمالية ومعالجتهم المسرحية على وفق التدرج التاريخي، ومنهم ستانسلافسكي، وانطوان وجيخوف في عمل بستان الكرسي ،وغيرهم من المخرجين العالميين والعرب، وكما جاء في فلسفة المسرح السياسي وتداعياته، ومن عمل على ذلك هو اروين بسكاتور ،حيث وضح مدى العلاقة السياسية بالواقعة التاريخية في طروحاته الفكرية والجمالية، وتجسيده رؤياه في العرض المسرحي التاريخي، من خلال الكشف والتعرية والتعيتن للموقف، بصيغة تسجيلية ووثائقية، لغرض إظهار الحقيقة، كما في مسرحية "مغامرات الجندي الشجاع شفايك"، وكذلك تأثيرات المخرج العالمي ماير هولد، وتايروف، وكذلك أخذ المسرح الملحمي عند برشت عروض مسرحية تاريخية مهمة جدًّا، كما في مسرحية "حياة غاليلو"، من خلال التغريب هي التارخية، أو التاريخ، كما جاء المخرج العالمي بيتر فايس في مسرحية "في أنغولا"، وهي من المسرحيات التسجيلية، وكذلك جاء دور المخرج العالمي إيران منشكين، وقدم عمل "ريتشارد الثالث"، ويتم من خلال مفهومه صياغة الأحداث السياسية صياغة دراميَّة. ومن ثم توالت العروض المسرحية في دول العالم، ومنها مسرح "الكاتاكالي"، ثم جاء المخرج العالمي غوردن كريج، حيث اهتم بالشكل كثيرًا، حتى تمنح لغة المسرح العضوية "الحركة والإشارة والعناصر المادية" في التعبير عنها تعبيرًا كاملًا ،وما تحمله من أبعاد وتيمة فكرية مركزية وثيقة الصلة بين أركان العرض المسرحي المعروفة، كما جاء المخرج العالمي في العرض المسرحي التاريخي، حيث قدم مسرحية "المهابارتا" ومسرحية "مكبث"، ثم جاء دور المخرج العالمي ارتو، من خلال بحث وعمل جديد في عروضه المسرحية، وارتباطه لجان لوي بارو ، ثم جاء دور المخرج العالمي جيرزي غروتوفسكي من خلال مفهومه صياغة الأحداث وفق دائرة العلم والتكتيك، وأخذ بالتوجه العام أن يهتم بالعلاج "البارو مسرحي" وفق المنهج الأنثربولوجي. ثم جاء دور معالجة المخرجين العرب، ومنهم مارون النقاش، وسليم النقاش، وأديب إسحاق، وأحمد شوقي، ويوسف بن تاشفين، ورفيق الصبان، وغيرهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= الفصل الثالث: (عينات البحث، وتحليل العينات):
= عينة رقم واحد:
مسرحية "علي الوردي وغريمه"، تأليف وإخراج الدكتور عقيل مهدي، تقديم كلية الفنون الجميلة / قسم الفنون المسرحية / مكان العرض: المسرح الوطني بغداد / تاريخ العرض ٤/٨/٢٠٠٨ / سنوغرافيا: نجم عبد حيدر / تمثيل حسين علي هارف، خالد أحمد مصطفى / الشخصيات: علي الوردي، مفكر عراقي في حقل العلوم الاجتماعية / عليوي يمثل شخصية عصابية وإرهابية وسلبية انشطارية في الذات المريضة، أراد منها المخرج عقيل مهدي ما حدث في ذلك الزمان، وما يشابهها اليوم في نفس المجتمع، من خلال استخدام أدوات الإخراج المسرحي التاريخي، فكريًّا وموضوعيًّا، والمعالجات الإخراجية لها لتوظيفها علميًّا وعمليًّا. =
= عينة رقم اثنان:
مسرحية "مكاشفات" / سيناريو وإخراج غانم حميد / تقديم الفرقة الوطنية للتمثيل ببغداد / تاريخ التقديم ٢٠١٥ / سنوغرافيا علي محمد السوداني / تمثيل ميمون الخالدي، وشذى طه سالم. هذه المسرحية التاريخية تتحدث عن شخصية الحجاج بن يوسف الثقفي التاريخية، من خلال أحداثها التي جسدت، فكريًّا وموضوعيًّا، عالجها المخرج بإسقاطات معاصرة مواقعة تاريخية، من خلال المكاشفة الجريئة، وهي تحمل معها عذابات المجتمع العربي عمومًا، والعراقي خصوصًا، ماضيًا وحاضرًا.
= الاستنتاجات: أسفرت نتائج البحث: أولًا تحقق الرؤى والمعالجات الإخراجية، صدقيتها في تجسيد العروض المسرحية التاريخية، من خلال فعل الإبداع الفني والجمالية، شكلًا ومضمونًا. ثانيًّا: أفرزت عروض المسرحيات التاريخية طاقات ومواهب لا يمكن إغفالها في التأليف والإخراج التمثيل وعناصر العرض المسرحي الأخرى. ثالثًا: أخذ المخرج العراقي يميل إلى العروض المسرحية التاريخية، لتوفرها على إمكانات تتيح للإخراج فرصة تحقيق قيم فنية وجمالية وفكرية عالية، فضلًا عن توفرها على مواقف تمثيلية فنية مؤثرة. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الباحث الدكتور ضياء ضهد جبر المشعان / بغداد / العراق / من جامعة بغداد: الدراسات العليا / كلية الفنون الجميلة / قسم الفنون المسرحية / الاختصاص: الإخراج المسرحي.
 
 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قراءة في رواية "عِقد المانوليا" للكاتبة المغربية نعيمة السي أعراب بقلم الناقد عز الدين الماعزي

"العزيف" / نص مسرحي من فصل واحد / الكاتب والمخرج العراقي منير راضي / النص الذهبي الفائز في مسابقة الرؤى المسرحية 1 / السلسلة الثانية 2024 / في إبداع النص المسرحي من الفصل الواحد

{ سيدتان عالمتان بسري } قصة قصيرة / الأديبة الروائية والقاصة السودانية الأستاذة مروة أسامة.