حَبَّةّ قَمْحٍ / جورج عازار ستوكهولم – السويد / اللوحة بريشة الفنان التشكيلي السوري المبدع: يعقوب اسحق

 

حَبَّةّ قَمْحٍ

جورج عازار

ستوكهولم – السويد
اللوحة بريشة الفنان التشكيلي السوري المبدع: يعقوب اسحق


 

حَبَّةّ قَمْحٍ

 

لا أنا لستُ طحيناً
في المَتاهات تَذروه الرِّياحُ
ولستُ عَجيناً
كما تَبتغي بأصابِعك تُشَكِّلُهُ
ولستُ كِسرة خُبزٍ تارةً تَجتَرُّها
وتارةً إلى مُملِقٍ
كي يُسكِتَ جوعَ الرُّوحِ
تُهديها
أنا حَبَّةُ قَمحٍ
كَما أبتغي أَصيرُ
أنا زَغرودةُ السَّنابلِ
أنا الطَّعامُ البَاقي
أُراقِصُ النَّسيمَ في الفَجرِ
وتَغسِلُ وَجهي في فَرحٍ
حَبَّاتُ المَطرِ
وليسَ في هَوانٍ
حين تَقسو الزَّوابِعُ
أنحني
وإنَّما بِتواضِعِ المُقتَدرِ أَميلُ
وحَماقةُ الطَّيشِ
أَتَّقي
أضحكُ لِلشَّمسِ
في غُنجٍ
أتَعلَّمُ مِنها
كيف تَبعثُ الدِّفءَ
لِمحرومٍ يَرتَعِشُ
وكيفَ وجوهَ القُساةِ
حين تَغضَبُ
تُحرِقُ
ليسَ هَباءً ما عليه نَشأْتُ
فالأرضُ أُمِّي
وعَرقُ السَّواعِدِ السَّمراءِ
أبي
مِن التُّرابِ أبلغَ الدُّروسِ حَفِظتُ
فيه حياةُ القُوتِ
وفي غَورِهِ
طَعمُ المَوتِ
وفيه نَعيمُ الطَّيباتِ
ومن أجلِهِ
سَاحاتُ الوَغى تَتَّقِدُ وتَفورُ
تارةً يشرَبُ دَمَاً
وتَارةً يَثورُ
هو قُدسُ الأقداسِ
في النَّأيِ
ووجَعُ الرُّوحِ
حين عنهُ تَبعُدُ
في أعماقِ القَرارِ
كُنوزٌ وأنينٌ
وفيه أباليسُ وجِنٌ ودُودٌ
فلا عِنادٌ معهُ ينفَعُ
ولا خَطبُ الوِدِّ يُفيدُ
سَتَبقى وحدَها الأرضُ
والكَلُّ سيَرحلُ
ورُغمَ كُلِّ الغَيِّ
إلى حُضنِها ذاتَ يومٍ
كُلُّهُم لابُدَّ أنْ يَعودوا
أنا اِبنَةُ الأرضِ
والطِّينِ
بِقَدري لا تَستَهينوا
وشَأني أبداً لا تَستَصغِروا
أنا حَبَّةُ بُرٍّ
في مَيعةِ الصِّبا سِحرٌ
وفي المَشيبِ
جودٌ ويُمنٌ وإِنعامٌ
أنا حَبَّةُ القمحِ
كُلُّ الأفواهِ تَطلِبُني
ومِني أبداً لا تَشبَعُ
أنا حينَ أغيبُ
لا أموتُ
مِليونُ فينيقٍ
من رُفاتي يَنبُتُ
 

جورج عازار

ستوكهولم – السويد
اللوحة بريشة الفنان التشكيلي السوري المبدع: يعقوب اسحق
 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قراءة في رواية "عِقد المانوليا" للكاتبة المغربية نعيمة السي أعراب بقلم الناقد عز الدين الماعزي

"العزيف" / نص مسرحي من فصل واحد / الكاتب والمخرج العراقي منير راضي / النص الذهبي الفائز في مسابقة الرؤى المسرحية 1 / السلسلة الثانية 2024 / في إبداع النص المسرحي من الفصل الواحد

{ سيدتان عالمتان بسري } قصة قصيرة / الأديبة الروائية والقاصة السودانية الأستاذة مروة أسامة.