لا تسألوني سعاد شهيد / المغرب
لا تسألوني
سعاد شهيد / المغرب
سمعت وأسمع حكايات
عن تعاقب الفصول
عن تسلسل الأحداث
عن زواج الألوان
نشوة الأرض والذوبان
سألوني عن الخريف
عن أزهار الربيع
عن دفء مدفأة الصقيع
وعن رقصات الشمس والوداع
فتشت في ذكرياتي
عن عطور البساتين
عن غناء يتسكع في شريان
عن أحلام ورقة التوت
قلت لا تسألوني
فقط رياح الخريف تعرفني
كانت معي في رحم الغيب
شربت حليب أمي
ممزوجا بتراب الأرض
غبار الرياح كانت عطر لفتي الأولى
حتى أني وجدت بيدي
ورقة من شجرة عمري
مكتوب عليها اسمي
يوم عانق الهواء صرختي الأولى
عواصف الخريف رفيقة دربي
كم لعبنا معا
لهونا في باحة الأيام
لم أكن أعرف أن لعبتي ثعبان
وأن بيدي سم يراوغني
يلعب معي
لعبة الغميضة
أعجبت بألونه البراقة
لم أخف يوما من التوائه بي
كحزام على بطني
يشدني
ثم يطلق سراحي
ضحكاتي تعلو
أراقصه
أحضنه
حتى أني أبحث عنه إن غاب
خريفي ليس له زمن
ولد معي
كبر معي
صاحب أنفاسي
يجلدني وأعود أفتش عنه
يسجنني وأمد له يدي
من داخل القضبان
باخعة نفسي عليه
لا تسألوني متى جاء الخريف
لم يأت
لم يغب
لم يكن
بل كان معي وأنا جنين
في الرحم وزمن الولادة
نعم ابنة آذار أنا
ربيع وشقشقة العصافير
وشقائق النعمان ترقص فرحا
حمرة تغري بالجري
تتمايل تغازل السنابل
وبياض الثلج في عناق مع الجبال
لكن الخريف سكني
عواصفه موطني
زمهرير رياحه بداخلي
أنظر لأوراقي تسقط
لخصلات شعري تتخبط
لنظراتي لخيوط الشمس تمشط
ثم أعود أبحث عن بقايايا
عن فتات في فم المرايا
عن ملح رسم على الخذ آخاديد
علي أقرأ تتمة الرواية
علي أجد بعضا من الفصول
من زبد البحر عالق في الجبال
أخذته نوارس بعيدا عن الحبال
عن شاطئ المحال
عن ظل هارب من الضَلال
لا تسألوني عن خريف عمري
فعمره من عمري
هو أنفاسي وظلي
هو حبل أفكاري
رضعت غباره في حليب أمي
ولم يحن موعد الفطام
ولم يقطع الحبل السري
مصابة بعمى الألوان
رمادي جثم على الأجفان
أنظر لشجرة أنفاسي
أغصانها عارية من الحياة
تنظر للسماء
كأنها تقول
سأموت واقفة ها هنا
تعرف عنادي الرياح
لن أركع لألتقط الأفراح
ولن أتوسل الصباح
نعم بداخلي جريح
في صمت أنوح
أرش الملح على أوجاعي
لأحنق روائح آهاتي
صمتي يكسر داخلي
ابنة الريح أنا
والخريف عمره من عمري
جاء قبل صرختي الأولى
وكان رفيق خطواتي
سعاد شهيد
المغرب
تعليقات
إرسال تعليق