العودة / قصة قصيرة / الأديبة التونسية جميلة بلطي عطوي.
العودة
شمس اليوم على غير عادة تتهيّب المواجهة،تبدو من تحت الغمام الشّفيف متردّدة...
اليوم يوم الْعَوْد، بداية ستحسم الكثير من المصائر... إنّها تخشى ألّا يكون نورها رافداً للكثير من
الأحياء، في طريقها تتلجلج كما يرتجف طفل في أوّل تجربة له بالمدرسة تودّ أن تكون معين
دفء وضياء، لكنّ السّماء المتلبّدة حولها تبثّ الوجل أشكالًا... تشكّك في القدرة على الصّمود
والتّجاوز، إنّها حيرى تبحث عن الرّافد الدّاعم... تلتفت يمنة ويسرة كمن يتشبّث بقشّة في الهول
المهول من الغمام السّارح حولها... على حين غرّة رأت مشهدًا شدّ منها البصر والوجدان، طفلة
غريرة على ظهرها محفظة ورديّة، تميس خطواتها مع دقّات قلبها الصّغير،تمدّ اليد وكأنّها
تمسك بشيء لا يُرى أو لعلّه يلبس طاقية الإخفاء... ترى من يرافقها؟ من هذا الحاضر
المخفيّ الذي تلتفت إليه في شغف وابتسامة،تمعّنت علّها تكشف المخبوء...زادت تأمّلًا دون
جدوى،وقد باتت نهبًا للخيبة... سمعت زقزقة عصفور تلاه صوت البنيّة:
ــ احذر يا صديقي أن تسرق منّي شعاع الشّمس،هو رفيقي اليوم،ينير طريقي وأنا اعبر من
ضفّة إلى ضفّة،تعال إن شئت معًا نقيم احتفالًا عجيبًا،اليوم بداية والنّور رافد،وأنا وأنت في
حضرة النّور نبني صرح الحياة الشّامخ.
تعليقات
إرسال تعليق