امتداد مصطلح الرواية في حقل النقد الأدبي / الأستاذ أشرف الصغيوري الإدريسي.


 


امتداد مصطلح الرواية في حقل النقد الأدبي

                       الأستاذ أشرف الصغيوري الإدريسي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يروم المقال التحدث حول تطور مصطلح الرواية في الحقل الأدبي، وامتداده في الارتباط بمصطلحات أخرى، التي أضفت غنى معرفياً وإجرائياً في مقاربة العمل الأدبي من منظور نقدي، وهذا، حسب ما تضمنته بعض أعمال لحمداني النقدية، التي تعتبر إطاراً مرجعياً في النقد العربي، وساهمت بشكل جلي في تطور مصطلح الرواية وتنمية طريقة الاشتغال في هذا الصنف الإبداعي المتعدد الأبعاد والأفهام.

 

+ المقدمة:

إن المصطلح في مجال النقد الأدبي العربي يتسم بالصعوبة البالغة في كيفية الاشتغال عليه، لأن هذا راجع لكون النقاد العرب يعتمدون في هذا الأمر على الإنتاجات الغربية، ويحاولون نقله إلى اللغة العربية، مما يجعل هذه العملية تنعكس سلباً على استعمال المصطلح.

كما جرت العادة في أي حقل معرفي وجود عقبات تبطئ من بلوغ المبتغى، في هذا الصدد، نجد مجموعة من الدارسين والباحثين، وكذا المهتمين يتميزون بالصمود في وجه هذه المشاكل قصد الحصول على المعرفة، وهنا يمكن تخصيص حديثنا في المتن المكوّن للكتاب الذي سنحاول عرض بعض ما تضمّنه، والباحثة الدكتورة "سعيدة الرجاني" التي وقفت على اعمال رائد النقد الأدبي العربي الدكتور "حميد لحمداني"، الذي أولى اهتمامه بهذا المجال ومجال نقد الرواية التي شغلت حيزاً كبيراً في الساحة الأدبية الإبداعية في العالم العربي، مما ساهم في تطورها، وتنمية أساليب الكُتّاب الروائيين.

(مصطلح الرواية: دراسة مصطلحية، أعمال د. حميد لحمداني نموذجاً)، للكاتبة والباحثة الدكتورة "سعيدة الرجاني"، حيث اعتمدت في مقاربتها لمصطلح الرواية على الدراسة المصطلحية في نقد الرواية، أو معرفة المعرفة، كما تعتبر هذه الدراسات.

يقع هذا الكتاب في ثلاثمئة واثنين وسبعين صفحة "372"، توزعت على خمسة "5" فصول كبرى، ومقدمة، وتمهيد، جاءت هذه الفصول معنونة على الشكل التالي:

ـــ الفصل الأول: تعريف مصطلح الرواية وخصائصه ونعوته وعلاقته.

ـــ الضمائم الوصفية.

ـــ الفصل الثالث: الضمائم الإضافية.

ـــ الفصل الرابع: المشتقات.

ـــ الفصل الخامس: قضايا مصطلح الرواية.

ثم بعد ذلك جاءت خاتمة الكتاب، إضافة إلى ملحق، ومعجم المصطلحات المعرفية في أعمال د. حميد لحمداني.

سأعتمد على نصيحة د. حميد لحمداني في نظرته إلى أسلوب الكتابة النقدية، التي ينبغي ألا تتحكم في القيمة التراكمية، لأن هدف المعرفة يضيع في تضاعيف الحشو والخطابية. (ص: 151 من هذا الكتاب).

اعتمدت الباحثة الدكتورة "سعيدة الرجاني" في كتابها هذا على متون بعض الكتب النقدية للدكتور حميد الحمداني، وما تضمنته من قضايا مصطلحية تتعلق بالرواية، تطرقت إلى مصطلحات كثيرة وفي سياقات تواصلية متعددة، لها صلة بالجنس الروائي، وهذا، من أجل الحصول على فهم دقيق لمصطلح الرواية واستخلاص تعريف له بجميع استعمالاته.

وعندما يتعلق الأمر بقضايا متباينة، خاصة التي لها صلة وثيقة بالرواية، تتعدد التأويلات في هذا الصدد، لكن الباحثة لم تغفل هذا الجان، وذلك من خلال الاعتماد على منهج الدراسة المصطلحية للابتعاد عن كل أساليب التأويل وتعدد الأفهام، كما حرصت على استعمال المصطلحات في مواضع صحيحة رغم اقتراب معانيها، أو تقاطعها في تراكيب متعددة، مرة تُستعمل مضافاً إليه، وهذا بٌغية التوضيح، وبيان طبيعة المصطلح، أو بيان كيفية توظيفه أثناء أجرأته، وفي سياق آخر، اُسْتُعْمِلَتْ لتحديد الموضوع أو القضية المتضمنة في المتن المدروس، نذكر مثالاً لذلك، في الصفحة "203" استُعمل التركيب "الرواية ذات الأصوات المتعددة"، كما استُعمل كذلك تركيب آخر "الرواية الديالوجية"، وهذا الترادف الدلالي بين تراكيب الرواية مع مختلف الألفاظ يمكننا النظر إليه من زاوية الغنى المعرفي الذي يقدمه المصطلح للباحث.
عموماً، إن الباحثة وظفت كل إمكاناتها للوقوف على قضية مصطلح الرواية ومدى امتداده في الحقل النقدي، نظراً للمفاهيم المرتبطة به والتي تصب في تطوره، وتطور النقد الروائي العربي، وهذا عائد إلى ارتباطه بالدراسات اللغوية الحديثة، كما ورد في الصفحة مئة وسبعة وأربعين "147" عند الناقدة "نبيلة إبراهيم"، ويعتبر كتاب "صراع المقهور مع السلطة" للكاتبة "رجاء نعمة" خطوة جديدة وحاسمة في مجال تطوير الدراسة النقدية الروائية التي تعتمد على التحليل النفسي، فهو إضافة متميزة تأتي بعد المرحلة التي مثلها الناقد السوري "جورج طرابيشي"، وكأنها نقلة من دراسة لاشعور الكاتب إلى دراسة لاشعور النص ، مع الاستفادة من اللسانيات والسيميائيات والأنثروبولوجيا "ص: 150"، دون نسيان الخطوة ذات القيمة العالية التي قامت بها الناقدة المصرية "سيزا قاسم"، تساهم خطوتها تلك في الرفع من مكانة النصوص الروائية العربية، حيث اعتمدت ثلاثية نجيب محفوظ مرجعاً لمقاربة النصوص الروائية الغربية، وهذا ما اصطلح عليه الناقد المغربي حميد لحمدتني بالمتن المرجعي "ص: 169".

ورغم ذلك، يبقى موضع النقد العربي ضمن الحركة النقدية العالمية محتشماً، وهذا ما يعتقده جازماً الناقد حميد لحمداني، كما يدعو بشدة إلى البحث عن خصوصية النقد الروائي العربي.

وأختم بسؤال: هل الإبداع الروائي العربي يمكنه أن يساهم في تأسيس معرفة نقدية عربية خالصة؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

                             أ. أشرف الصغيوري الإدريسي



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قراءة في رواية "عِقد المانوليا" للكاتبة المغربية نعيمة السي أعراب بقلم الناقد عز الدين الماعزي

العاشق الأسود / قصة قصيرة / نعيمة السي أعراب.

أطياف المرايا / قصة قصيرة / الأديب المغربي الأستاذ رشيد مليح.