اللقاء الصحفي الأدبي / إعداد وتسيير الصحفية السورية الأستاذة أمل شيخموس / الضيف الأديب الشاعر القاص الناقد المغربي الأستاذ عبد الرحمن بوطيب.
= إعداد وإدارة الأستاذة أمل شيخموس.
= الحلقة الأولى: الأربعاء 2 يونيو 2021.
= الضيف: الأستاذ عبد الرحمن بوطيب.
= النص الكامل للحوار.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تحية تقدير عميق لوجودك البهي معنا في حوارنا الصحفي الثقافي، مراحب وأهلاً بك الكاتب الأديب الناقد الأستاذ الموقر" عبد الرحمن بو طيب ".
س 1/ من هو المبدع عبد الرحمن بو طيب؟
ج1/
ـــ وهذا هو "الوجع / السؤال"، حديث الذات عن الذات... سؤال حارق، فهل من جواب؟
(نولد صفحة بيضاء، ويولد معنا "السؤال" عن الذات والأحوال... نتقدم في العمر، قد نسقط في شرك "البحث عن جواب" فنشقى، وقد نعيش إما كائنات عاشبة، أو لاحمة... فيضيع خيط الخياط في ثوبه).
ذات لحظة تفكير في جواب عن سؤال، أدرك أنه ريشة في مهب رياح، تارة ـــ لحظة شك ـــ تحملها إلى كهف جواب لا يخرج عن هم القائل "جئت لا أعلم من أين..."، وتارة ـــ لحظة إشراق ـــ تحملها إلى معبد صوفية حلاجية.
طاوع ذاته الباحثة عن ذاتها مرة، فما وجد غير:
(عبد الرحمن بوطيب طفل مشاغب في جبة ملاح عجوز يسافر هارباً من ذات وموضوع عرض غرب المتوسط في "أشيلوسه" التي سرقها من مبدعها السامق "عبد الرحمن منيف" في شرق متوسطه).
أحس بغربة في قلب الغربة... أجرت مع ذاته مع ذاته هذا الحوار / المقابلة:
(ـــ اسمك؟
ـــ تائه بين أسماء.
ـــ سنك؟
ـــ يأكل السبعين.
ـــ مهنتك؟
ـــ متقاعد.
ـــ عملك السابق؟
ـــ مدرس.
ـــ هوايتك؟
ـــ تبحث عني.
ـــ حالتك؟
ـــ جائع لكتاب.
ـــ رغبتك؟
ـــ تقسيم جسمي على جسوم.
ـــ شغلك الشاغل؟
ـــ تكسير حروف وأشياء أخرى عتيقة بالية.
ـــ منذ متى ابتليتَ؟
ـــ منذ شيخوخة.
ـــ سنة الابتلاء؟
ـــ مع الخامسة والستين.
ـــ تأخرت كثيراً.
ـــ كنت ألعب.
ـــ هرمتَ... آن لك أن تلعب.
ـــ وهل ذو الشيب يلعب؟
ـــ حروفك مضطربة.
ـــ واقعها خائب.
ـــ جنسك التعبيري؟
ـــ انزياحُ استعاراتِ مجازات.
ـــ أفصحْ.
ـــ اِفهمْ.
ـــ غامض أنت.
ـــ الوضوح نقمة.
ـــ حبك الأول؟
ـــ اِقرأ كل الأوراق الذابلة.
ـــ خربشات تافهة.
ـــ أصبتَ.
ـــ مغرور أنت؟
ـــ غبي.
ـــ قوّتك؟
ـــ في ضعفي.
ـــ ضعفك؟
ـــ تكشفه أوراقي.
ـــ طريقك؟
ـــ من غرب المتوسط إلى شرقه.
ـــ زادك؟
ـــ رعشة حلم وقضية.
ـــ أحرقتَ الدهشة.
ـــ احترق مني جسد.
ـــ ما ذا تبقى لك؟
ـــ قبلة أولى ورسالة.
ـــ ماذا في حقيبتك؟
ـــ أوراق ذابلة بلا هوية.
ـــ ما ذا قالت قارئة الفنجان؟
ـــ انتحرت.
ـــ حربائيٌّ أنت.
ـــ رجل فقد رأسه.
ـــ جماعتك؟
ـــ حلقة شعراء ضالّين ثائرين.
ـــ لونك؟
ـــ أبيض على لوح أسود.
ـــ والأحمر؟
ـــ تلك كانت وردة قديمة.
ـــ فرّطتَ فيها.
ـــ هي لعبة شطرنج.
ـــ خسرتَ اللعبة.
ـــ ما كنت ألعب.
ـــ والمستقبل؟
ـــ نشر حروف.
ـــ بماذا؟
ـــ ليس بمنشار.
ـــ ستغرق.
ـــ من بعدي، فليأت الطوفان... انتهى زمن انتظار.
ـــ كلمتك الأخيرة؟
ـــ النطق بالحكم الحكم لك).
+ سيرتك الذاتية والمؤهلات العلمية:
= الاسم والنسب: عبد الرحمن بوطيب.
حساب صفحته بالفيس بوك باسم Abdou Bout
البلد: المملكة المغربية.
المولد: سنة 1951، بمدينة الدار البيضاء، العاصمة الاقتصادية للمملكة المغربية.
الحالة الاجتماعية: متزوج. عدد الأبناء: اثنان.
ميدان العمل: أستاذ اللغة العربية وآدابها، متقاعد.
= المؤهلات العلمية:
ـــ ديبلوم الإجازة في الأدب العربي، نظام قديم.
ـــ ديبلومات تعليم ابتدائي، وإعدادي وثانوي تأهيلي.
= الصفة الأدبية:
ـــ أديب متعدد التخصصات، يكتب في أجناس مختلفة: (شعر، قصة، سيرة، نقد...).
ـــ مؤسس مجموعة "تأصيل قصيدة النثر الحداثية" الشعرية، وناطق رسمي باسمها.
ـــ معد ومدير برامج ثقافية تفاعلية.
ـــ من أنصار قصيدة النثر الحداثية.
= الأعمال المنجزة تحت الطبع:
ـــ ديوان أول بعنوان "وتين الحنين".
ـــ ديوان ثان بعنوان "قارئة الفنجان".
ـــ ديوان ثالث مشترك مع الشاعرة السورية "روضة الدخيل" بعنوان "عطفات روضة الشعرية".
ـــ مجموعة قصصية بعنوان "أنا الكاتب".
ـــ سيرة مهنية بعنوان "معلم".
ــ سيرة ذاتية سردية شعرية بعنوان "غرب المتوسط".
ـــ سيرة روائية بعنوان "أمي".
ـــ كتاب نقدي بعنوان "تأصيل قصيدة النثر الحداثية".
س 2/ لديك تجربة في النقد والدراسات النقدية، ماذا حققت من خلالها؟ وكيف ترى وضع النقد في الوطن العربي؟
ج 2/
ـــ كل حديث عن امتلاك التجربة هو حديث قد يُسْقِطُ مَنْ يعتقد ذلك من نفسه في متاهات الشعور بالأستاذية والتفوق.
التجارب تراكم نسبي، وأنا لا أدعي أنني أمتلك تلك التجربة التي تخول لي تبوأ مكانة ما بين المثقفين والنقاد... أنا مجرد متعلم "مجتهد" نسبياً.
إن تحدثتُ عن تحقيق أهداف ما، فإنه لا يمكن لي إلا الإشارة إلى تطفلي على الكتابة النقدية من جهة، وعلى إعداد وإدارة برامج أدبية ونقدية محترمة في عديد المنابر الفيسبوكية "المجموعات" المحترمة التي انتهى بي المطاف في رحلتي معها إلى فضاء "روضة الأدباء العرب" الرائدة مع الأستاذة الفاضلة "روضة الجبالي" المديرة العامة.
تقلدي شرف رسالة التعليم، بمختلف الأسلاك التعليمية الابتدائية والمتوسطة والعليا، مدة تزيد عن نصف قرن ساعدتني على الاحتكاك بعوالم الثقافة، ومنها التجارب النقدية المتعارف على حضورها التنظيري والتطبيقي في الساحة الثقافية... فضل التعليم عليَّ كبير.
هناك حالة خاصة وجب أن اشير إليها، وهي أنني لم اتجرأ على الكتابة شعراً وسرداً ونقداً إلا في سن متقدمة من عمري، جاء ذلك صدفة مع سن الخامسة والستين، أي قبل خمس سنوات فقط، مع هذا العامل أتيحت لي فرصة تكسير إكراهاته بمغامرتي في الإنتاج، وبإيماني بالتجريب الذي لا حدود لدهشته... أغامر بالسباحة في كل قطرة ماء، ومنها السباحة في عوالم قصيدة المرحلة / قصيدة الدهشة... قصيدة النثر الحداثية التي كان لي شرف تأسيس مجموعة شعرية نقدية تحتفي بها، مع مجموعة طيبة من الشعراء والنقاد العرب الكبار الذين أعترف لهم بالفضل الكبير، هي "مجموعة تأصيل قصيدة النثر الحداثية"... أنا مهووس بهذه القصيدة الممكنة المستعصية لتي تسكن كياني، ولا تغادره.
لامتلاك بعض الأدبيات النقدية تنظيراً وتطبيقاً ـــ مع آليات اشتغال المناهج النقدية ـــ دورٌ كبير في الدفع بالتجربة الإبداعية الشخصية لديَّ.
النقد رافعة أساس لتطوير الإبداع، وهما وجهان لعملة واحدة، وقد تَرَسَّمْتُ طريقي ـــ بكل تواضع ـــ بين حد الإبداع وحد النقد لأشبع ذاتي بهم البحث عن "جواب" ممكن بعيد المنال عن ذاك "السؤال"...
وما زلت في بداية الطرق أبحث.
من جهة أخرى، أعتقد أنني دوماً من الداعين إلى ضرورة تسلح المبدع بجهاز نقدي عام، وجهاز نقدي خاص يدور في فلك تخصصه.
أشعر بالحرج الكبير عند محاورة مبدعين لهم الكفاءة المشهود بها في مجال إبداعهم، لكنهم يضعون الحدود الفاضلة تعسفاً غير مقصود، وعن حسن نية، بين حقل الإبداع وحقل النقد، فيبتعدون.
شعاري الذي أرفع دوماً في كل المقامات هو "المبدع الناقد / الناقد المبدع"... تكامل لازم، ولا يشترط تخصص المبدع في النقد ليصبح ناقداً، لكن العلم بالشيء خير من الجهل به على حد رأي المناطقة.
وللإشارة الواجبة، هذا الحديث عن الذات هو حديث محرج... أعشق الظل والهدوء، ولا أرتاح "للأضواء"، ولا أسعى للوقوف تحت نيرانها الحارقة.
+ أما في ما يتعلق بسؤالكم أستاذتنا العميقة عن وضع النقد في الوطن العربي، فهذا تساؤل أكاديمي واسع الفضاء، عديد المنزلقات أمام من يحاول الإجابة عنه، وهو في أول الطريق مثلي.
على كل حال، هناك مستويان من الفعل النقدي:
أولهما النقد الأكاديمي والجامعي العالِم التخصصي،
وثانيهما النقد الهاوي الذي يسبح في فضاء وسائط التواصل الاجتماعية في المجموعات الفيسبوكية خصوصاً بين الرواد المحترمين.
النقد الأول بخير، ومجهودات النقاد العرب قادة مشعل النقد لها الفضل الكبير في تطور حقل النقد، وفي تطور حقل الإبداع بكل أنواع التعبيرات الأدبية الشعرية والنثرية.
الإصدارات النقدية الوازنة تظهر كل يوم، لكن المشكلة تكمن في درجة التلقي، فالقارئ العربي ـــ على قلة عدده، وضعف وتيرة تغذيته ــ أضحى عزوفاً عن تلقي الدراسات المعمقة... هذا زمن "الساندويتش"، وزمن "المأكولات الجاهزة للبلع"، معذرة عن التشبيه... المقروئية العربية تسبح في فضاء عدد قارئ واحد "1" بعد عدة أصفار تلي فاصلة... مفارقة صادمة.
لكن، هناك ملاحظة قابلة للنقاش، هذا النقد المتخصص يدور على محورين:
محور الفعاليات النقدية التي سقطت في استنساخ التجارب النقدية العالمية، خصوصاً الغربية منها بمرجعيتها الفرنكوفونية، ومرجعيتها الأنجلو سكسونية، وأيضاً المشرقية الاشتراكية خصوصاً، فسقطت بالتالي في الاغتراب النقدي للمناهج المتداولة في المنجز النقدي العربي، حيث أغرقت في الالتزام بحرفيات هذه المصادر، وعانت من إشكالات ترجمة المصطلح النقدي إلى حد التضارب بين الترجمات العربية المختلفة للنص النقدي الواحد... وهذه معضلة أخرى.
وهناك ممارسات نقدية أخرى تحررت من سلطة الآخر / المتفوق.
كنا مدعوين لتبني استراتيجية توطين المناهج النقدية المستوردة من الضفاف الأخرى في بدايات تعرفنا المدارسَ النقدية العالمية، وذلك من باب التلاقح الثقافي المطلوب في إطار حوار الحضارات...
وقد تم تسجيل مبادرات كبيرة رسمت معالم نقد عربي خالص لا يقطع الصلة مع المستجدات النقدية في الساحة العالمية... ونحن اليوم في حاجة ماسة إلى استكمال هذا المشوار الهادف إلى تحرير الإنسان العربي من كل سلط التبعية للقوى المتنفذة في العالم... ولا تعارض في هذا مع حوار الثقافات وتفاعلها في هذا التصور.
أما النقد الثاني فحاله لا يعجب في عديد منجزه، هو بين ربض الكتابة المحترمة، وربض المجاملات و"الإخوانيات" المدغدغة المشاعرَ مجانياً... وفي هذا المقام تتحمل "المجموعات الفيسبوكية" مسؤولية انتشار هذا الوجه السلبي... ولا داعي للنبش، فكلنا ذلك الرجل بكل الصدق والشفافية والموضوعية.
ويبقى من أبرز المقاربات القرائية في هذه العوالم الافتراضية ـــ وخارجها كذلك ـــ ما نصطلح عليه بالقراءات الانطباعية التأثرية التي لا ترقى لمستوى النقد المنهجي المعلَّل... لها حضورها، ولها مكانتها بين الأعمال النقدية المحترمة، مع ما يؤخذ عليها من سقوط في الذاتية والابتعاد عن الموضوعية الرافعة الأساس للأعمال النقدية الجادة.
والملاحظ أن المنطقة المغاربية تحضر بقوة في عالم النقد، وهذا مشهود له بين كبار المثقفين العرب.
س 3/ ماهي آليات الاشتغال على النص القصصي؟ والشروط الواجب توفرها في الناقد؟
ج س 3/
بالنسبة لآليات الاشتغال النقدي على النص القصصي، لابد من الإشارة إلى أن النص ـــ أي نصٍّ مبدَع ـــ يفرض نفسه على الناقد ساعة الاشتغال عليه... هناك نوع من التناغم بين المبدع والناقد مسكوت عنه، وغير مصرح به.
قد يتعود بعض النقاد الاشتغالَ بمنهج معين من المناهج النقدية يتماشى مع تكوينهم الشخصي وذائقتهم ومهارتهم، فيضحون رهينة هذا الحقل الذي قد يكون مسعفاً في مقاربة نص، دون أن يسعف مع أخر.
الناقد الحصيف يعدد مصادر ومرجعيات مناهجه وآليات اشتغاله في العمل الواحد، ويتحرر في نفس الوقت من سلطة التطبيق الحرفي الميكانيكي للمناهج، ولعل النقد "التكاملي" الذي يمتح أدوات اشتغاله من عديد مناهج تسعف في دراسة النص المنقود، وهناك أعمال محترمة من هذا النوع.
من جهة أخرى خاصة بالنصوص السردية عموماً، والنصوص القصصية خصوصاً ـــ حسب سؤالكم العميق ـــ هناك مقاربات منهجية متعارف على إجرائيتها وفاعليتها.
أنا شخصياً ـــ بحكم الممارسة التعليمية ـــ أرتاح لمقاربة نقدية مسعفة، هي المقاربة وفق "المنظورات الستة" للناقدين "شميت" و"فيالا" التي تعتمد منهجية متتالية الوقفات، هي: (القراءة التوجيهية / القراءة التحليلية / القراءة التركيبية)، وذلك من أجل تحقيق أهداف معينة، هي: (تتبع الحدث / تقويم القوى الفاعلة / الكشف عن البعد النفسي / الكشف عن البعد الاجتماعي التاريخي / استخراج البنية / تعرّف الأسلوب).
قد تبدو هذه المقاربة مدرسية، لكنها مع امتلاك أدواتها وتمثلها تمثلاً واعياً تصبح قراءة منهجية
متكاملة وإجرائية، خصوصاً إذا حضر معها نوع من التكامل مع مختلف المناهج النقدية، وخصوصاً المنهج البنيوي التكويني الذي نحن في حاجة ماسة للاشتغال به على إبداع عربي يرحل بين الذات المستضعفة، والواقع الطاحن، في زمن سيادة كل أنواع التحكم في الإنسان والثروات، حسب رأيي المتواضع.
س 4/ ماذا قدم المبدع "عبد الرحمن بو طيب" للمكتبة الفكرية والإنسانية؟
أيضاً، مؤلفاته وتواريخها؟
ج س 4/
مبتدئ لم يقدم شيئاً، له طموح لإصدار عديد متشظيات من أجناس مختلفة، عسى أن تخرج قريباً إلى النور، منها:
(ـــ ديوان أول بعنوان "وتين الحنين".
ـــ ديوان ثان بعنوان "قارئة الفنجان".
ـــ ديوان ثالث مشترك مع الشاعرة السورية "روضة الدخيل" بعنوان "عطفات روضة الشعرية".
ـــ مجموعة قصصية بعنوان "أنا الكاتب".
ـــ سيرة مهنية بعنوان "معلم".
ــ سيرة ذاتية سردية شعرية بعنوان "غرب المتوسط".
ـــ سيرة روائية بعنوان "أمي".
ـــ كتاب نقدي بعنوان "تأصيل قصيدة النثر الحداثية").
س 5/ ما يلفت الانتباه هو أنك تكتب في أجناس أدبية مختلفة، ما هو السر وراء هذا التنوع؟
ج س 5/
هو سر معلن عنه بكل شفافية... غواية التجريب.
نحن عادة لا نختار أساليب التعبير عن ذواتنا في مشاعرها ووجدانياتها وأفكارها وقناعاتها إلا في حالات خاصة لا تعمم...
المبدع الحق تبدعه تجربته، ولا يبدعها، هي التي تختار له مناسب المضمون والشكل... درجة الوعي في الكتابة مطلوبة وحاضرة مع الكبار الخالدين، وهي غير لازمة في كل الظروف والأحوال... قد "تسقط" علينا شظايا الإبداع في حلة "تفاحة نيوتن" فنصيح من أعماقنا: "وجدتها... وجدتها"...
والحكايتان معلومتان.
لست مبدع تعبيراتي المتواضعة، أنا إنسان يعبر بكل الارتجال، وبكل العفوية... لست من مدرسة "الحوليات".
الارتجال يسكنني، تحملني الفكرة بشكلها الذي تختاره هي، فأسرع إلى جهازي الالكتروني أغازل مفاتيحه بسرعة جنونية كي أتخلص من الدفقة التعبيرية... أرتاح مع ارتياح لوحة المفاتيح... ولا أراجع ما رشح مني رغماً عني إلا لغاية تدقيق اللغة... هذا أنا، عفوي لحظي ارتجالي... طلقت القلم والأوراق من زمان، وصرت أخربش على لوحة مفاتيح في جهاز إلكتروني مجنون...
فهل هذا التسيب يحسب إبداعاً؟
س 6/ هل نالت أعمالك، برأيك، الانتشار والضوء الذي تستحقه؟ وهل حقق المبدع "عبد الرحمن بوطيب" طموحاته؟
ج س 6/
ما المسؤول عنها بأعلم من السائل...
كل ما هناك هو حضور مني محتشم في العالم الافتراضي... وفي عديد ملتقيات عالمية وعربية
ومحلية مغربية، بصفة شاعر، وبصفة ناقد... للساهرين عليها الكبار كامل التقدير والاحترام.
العوالم الافتراضية تسجنني بين قضبانها الذهبية، أتذكر مرة أن روائية مغربية مشهورة بأعمالها الفريدة رحبت بي في العالم الواقعي ذات معرض دولي للكتاب بالدار البيضاء قائلة بابتسامة طيبة (أخيراً يفر الملاح العجوز من العالم الافتراضي إلى العالم الواقعي)... احتسيت الغمزة العميقة بفنجان قهوة حارقة، وأنا أبسم في دواخلي لإصراري على السباحة في "أشيلوس" باليم الأزرق.
محيطي الطيب العميق في الفضاء الأزرق يغمرني بفيض مشاعره العميقة إعجاباً وتنويهاً بما
يرشح مني... أخجل منه.
شطحاتي التعبيرية الشعرية مع قصيدة النثر الحداثية، ورقصاتي، رقصة الديك المذبوح، النقدية في أوراقي المتناثرة من أصل كتابي في قصيدة النثر الحداثية المنتظر على جسد الورق، وفي برامجي الثقافية التي أعدها وأديرها في المنابر التفاعلية حظيت برواج مريح نسبياً، ومنها ما فشل.
احتفالي بقصيدة النثرية الحداثية، وتمسكي بشاعرية سمو التعبير الشعري، وغيرتي على حرمة الضاد ترهقني داخلياً أكثر مما تريحني... تعبنا من الرعاف المقيت.
صراعي مع "الرعاف" الذي اكتسح الفضاء الأزرق ـــ انتصاراً مني للإبداع الرصين ـــ جرني غير راغب ولا قاصد إلى متاهات صدامات مجانية... ليتها كانت حوارات نقدية عميقة...
قد أكون في بعض أفكاري وطروحاتي وتوجهاتي ولغتي مستفزاً غيري ممن يخالفونني الرأي عن غير قصد مني... أنا إنسان بسيط لا يسعى لشهرة... يكره الأضواء، وعشق الأنوار... ببعدها الفلسفي العميق.
"طموحاتي" لم تحققني بعد... أنا لست مختاراً في تحقيقها... أتهيب الرحيل المحتوم وفي نفسي شيء من حروف شاردة.
س 7/ حدثنا عن واقع النشر والكتابة تحديداً في المغرب؟
ج س 7/
خط برتقالي بامتياز... هناك احتكار مرفوض للساحة من طرف بعض كبريات المؤسسات التجارية الربحية المهيمنة على سوق الطبع والنشر والتوزيع... المبدعون تحت الظل، وهم ذوو حقوق.
الجميل أن هناك مغامرات شجاعة في الطباعة من طرف مثقفين محترمين ومؤسسات في عالم النشر تحترم المجهودات الشخصية يصارعون مشكورين ضد التيار.
ومع ذلك، فالساحة المغربية منتعشة بالإصدارات الثرية المتنوعة شعراً ونثراً ونقداً.
لا ننسى بالضرورة فاعلية مؤسسات المجتمع المدني المهتمة بالشأن الثقافي من جمعيات، واتحادات كتاب، ومقاه وبيوت وصالونات ثقافية، ومؤسسات رسمية، ووسائل إعلام تبذل الجهد الكبير المحترم في فضاء العمل الثقافي الرصين بالمغرب رغم التأثير السلبي للجائحة الغادرة على الأنشطة الحضورية التي كانت دوماً رافعة أساساً لدعم الإنتاج الثقافي.
س 8/ برأيك، هل من علاقة وطيدة ومتينة بين الناقد والكاتب لخدمة النصوص بشفافية في واقعنا الآني؟
ج س 8/
سبقت الإشارة إلى ذلك النوع من التكامل بين الإبداع والنقد، كما سبقت الإشارة إلى تغيينا تحقيق هدف الوصول لتحقق "المبدع الناقد / الناقد المبدع".
الإنجاز الثقافي الفاعل يمتح من منبعين: منبع الإبداع، ومنبع المواكبة النقدية... النقد طبيعة إنسانية فطرية ـــ كما هو الإبداع ـــ نمارسه في كل لحظة وحين، في كل شظايا حياتنا اليومية، ويرتقي بنا عندما يصبح علماً مؤسساً على قواعد وآليات اشتغال تنطلق من منطلقات وقناعات أدبية وفكرية وسياسية واجتماعية...
لا غنى للمبدع عن الناقد الحصيف البنّاء الموضوعي، وعن المؤسِّسات النقدية التنظيرية، وبالتوازي،
لا وجود للناقد في حال موت المبدع وغياب الإبداع.
س 9/ مجلة "روضة الأدباء العرب" عمل احترافي كبير، ما الهدف المرجو من تأسيسها؟
ج س 9/
مجلة "روضة الأدباء العرب"... اسم على مسمى.
نعتز بتقديرك العميق أستاذتنا الفاضلة، هذا التقدير الذي يسعدنا ـــ نحن أعضاء المجلس الإداري ـــ لما يحمل في طياته من علامات التأشير على رأي الرواد الكرام.
التحقت مؤخراً بهذا الفضاء الرحب على جانب أختنا الفاضلة الشاعرة التونسية الأستاذة "روضة الجبالي" الخلوق المتواضعة مديرة المجلة، فوجدت نفسي أسبح في فضاء المسؤولية الثقافية الكبيرة.
لنا في مشروعنا الفتي الواعد أهداف سامية نسعى لتحقيق أقصى حد منها بكل تفان وإخلاص
ومسؤولية، وطاقم مجلس إدارتنا له من الكفاءة والإخلاص الحجم الكبير بكامل عضواته وأعضائه المحترمين من مختلف الأقطار العربية الشقيقة.
توجهنا ثقافي أدبي إبداعي نقدي تواصلي بكامل الوضوح، يحتفي باللغة العربية، وينفتح على
التعبيرات الأدبية الشعبية المتعارف على أنواعها التراثية السامقة.
نجتهد في مهمة محاولة ترسيخ ثقافة الاحتفاء بالإنسان في بعده الإنساني العميق، ونعمل على تغيير الذات، الفرد والموضوع / الواقع إلى ما يجب أن يكونا عليه بالفعل والضرورة، وننشد تحقيق مجتمع الحداثة العربية المنشودة في زمن الخيبات والانكسارات والهزائم... متفائلون وأكثر.
س 10/ كلمة لمتابعينا المبدعين الأكارم.
ج س 10/
لكم المحبة والتقدير والاحترام... أنتم الرافعة الأساس دوماً ... روضتكم منكم وإليكم... أنتم أهل
الدار الكبار، وأصحاب الاختيار والقرار.
س 11/ سؤال في خاطرك لم نسأله، نتمنى الإجابة عنه؟
ج س 11/
ما دور الصحافة الثقافية الأدبية النقدية في الفضاءات التواصلية التفاعلية في تنشيط الساحة الثقافية العربية اليوم؟
أعتذر... أحول التساؤل إلى الرواد الكرام، وإلى أستاذتنا العميقة.
سعدت بالحضور معكم.
تعليقات
إرسال تعليق