توثيق النص الفضي الفائز بالرتبة الثانية في مسابقة الرؤى الكبرى 3 / عودة / الشاعرة التونسية الأستاذة فوزية بوبكري.
* تكريم النص الفضي الفائز بالرتبة الثانية في مسابقة الرؤى الكبرى 3 *
نص: عودة.
للشاعرة التونسية الأستاذة فوزية بوبكري.
= المناسبة:
بمناسبة زيارة للمعهد الذي شهد سنوات من الشقاوة والبراءة والأحلام، بعد خمسين عاماً.
من وسط ساحة معهد نابل بتونس والفارق خمسون عاماً.
= النص:
* عودة *
وي كأنّ هذا المكان
يحرك كل السواكن...
يعيد الروح لمن غابوا
منذ زمان
زمن لا شيء يشبهه...
زمن الأساطير...
زمنُ التحليق بلا أجنحة...
وكأنني أسمع صوتي...
تَبعْثه،
تبعثني
خطواتي تجرها أقدامي جرّا...
كعاصفة هبت من حولي،
أثارت غبار السنوات...
بعثرت تواتر اللحظات...
صرختُ في جبّ الذكريات...
ردّد المكان الصدى...
تناثرت كل الأسئلة المؤجلة
والأمنيات المعطلة
رجْعُ حيرة وحنين وبكاء...
تلميذة بميدعة حمراء...
تقف هناك
وبقايا أطياف عانقت لحظات الصبا.
تصافحهم، تعانقهم، تثرثر معهم
فجأة تنمو لها أجنحة
تزهر كل الحكايا التي تحفظها عن ظهر قلب،
وتعود صاحبة الميدعة الحمراء.
سندريللا هل تركت حذاءك عمدا ها هنا؟
علّ الأمير يوما، يتقصّى الخطى؟
ذكريات تطلّ من نوافذ القاعات المشرعة...
على ساحة معهد نابل...
معهد كان يوما مسرحا للدهشة الأولى
للرجفة الأولى
وحكايا حبّ تُرْوى
كم عنهما الصحب روى؟
ها أنك عدتِ
تحت زخات المطر
تبتسمين
تبحثين
عن اسمين حُفِرا ذات زمان على المقاعد...
على السبورة
على جذوع الشجر...
واليوم
تبعثرت الحروف وامّحت،
اندثرت حكاية كانت حديث العاشقين
وبعد عمر ونيف
ها أنت تقفين في الوسط تراقبين المارين.
تصطف الذكريات طوابيرَ في الساحة الممتدة
يهطل المطر فجأة، ينسج معطفا لصقيع الذكريات،
تمسك إحداهن بدفتر المناداة
يُنادَى على أسماءِ من مرّوا من هنا
تسمع اسمها لتُسجَّل في قائمة الحاضرين.
يخرج أحدهم من الطابور الممتد متحديا كل القوانين،
يخترق سمعها ذلك الصوت صارخا:
منذ عقود من الحلم كانا هنا
منذ خمسين نهاية عام،
وقفا هنا مردّديْن مع الست:
لا تقل شئنا إن الحظ شاء.
هل تذكرين؟
يا صاحبة الميدعة الحمراء.
بعدها شابت الأحلام
والأيام.
والسنين
تلاشى الصوت واختفى الطابور
أمطرت السماء أسماء وأشياء
بقايا صور وأصداء.
تثقلني الذكريات القابعة داخل دفاتر الأيام
وسندريللا تدعوني إلى مغادرة الحلم،
تدق الساعة ولا ترحل،
ـــ ستضطر شهرزاد لتغيير مآلات الحكاية، تصرخ سندريللا.
وفي متاهة اللحظات والأصوات...
تعلقت عيناها بساحة المعهد،
ترسم دوائرَ لماض لازال يحتويها.
يد تجذبها وتعيدها إلى صفحات تعرفها جيدا.
ـــ أختي لقد تبلّلت هيا لنعود.
ـــ مهلا أخي خذ لي صورة في هذا المكان
فهنا أخذت لي صورة بالأبيض والأسود
كان ذلك منذ زمان
واليوم أريد صورة لي هاهنا
بالألوان.
فوزية بوبكري.
تونس.
Faouzia Boubakri
تعليقات
إرسال تعليق