تهويمات في الساعة الهامدة من الليل / البذرة الأمينة / الشاعر الفلسطيني المغترب الأستاذ فايز حميدي.
تَهويماتٌ في السَّاعةِ الهامِدةِ من الليلِ
* البذرةُ الأَمينةُ *
أَيّها الغَريبُ
أيُّها الضوءُ القادِمُ من الجُذورِ
أَمْلَد الخُطى
إلى أينَ يُشرِدكَ الرحيلُ؟
الدُّروبُ مُقفرةٌ مُظلمةٌ يَخنُقها الصَمت
وأنتَ المُسافِرُ الظامئُ
يا سِيدَ الحُزنِ السَّامِقِ
لَفَظتكَ عباءة الصَحراءِ وتواطَأت
وأنكَرتكَ الشموسُ وَظِلالِها الجَريحةُ.
أيُّها الغَريبُ
أيحضُنكَ الصَّمتُ ورِداؤُه الكَئيبِ؟!
أيَغمُركَ الحَنينُ وليلهُ المَنذورُ للزَفيرِ؟!
خُطاك تَدقُ في العَتمةِ
كَمعولٍ في بَطنِ مِنجمٍ عَميق
صَدرُكَ وأنفاسُكَ تَهتزُّ
كَشهيقِ سَمكةٍ لفَظهاالمدُّ
كَموقدِ جمرٍ عَبرتهُ الرّيحِ.
أيُّها الشَّاهدُ الأبَدي
الوهمُ أوَّلُ مَظاهرِ الحَقيقةِ
لا تُصدقُهم عِندما قالوا:
(إنّها النِهايةُ)
إنَّ الكمالَ هوَ المَوتُ
وإن النَقصَ هوَ استمرار الحياةِ
حينَ يوَلّي كُل شيءٍ
فإن بَعضاً مِنهُ يَبقى
هيَ البذرةُ الأَمينةُ
تَأَبى الغَلبةَ وَتَهبُّ حُرة
مُتَجذِرة كَشَجرةِ التنوبِ الفَتية
مثلَ ابتسامةٍ سَعيدةٍ
في لهفةِ المُعذبينَ تَخْتَبئ
في الفَجرِ المُتهيءِ للانبِلاجِ
غَداً نُواري ضُحَانا القَتيل
ففي دِمائِنا عَواصِفُ الثُّلوج
وما تَبقى مِن ليلِ الخَريف
هي الحَقيقةُ العارية.
الكأسُ قد أُفرِغتْ
والمَطرُ المَجنونُ يُطارِدُ الرّيحَ
وَوراءنا يُومضُ السَّاحلُ للمرةِ الأخيرةِ
تُنعقُ الغربانُ ويَرتفعُ العَويل
وَباءُ الجّوعِ والقتلُ والتشريد
والجَحيمُ بِنكهاتٍ مُميزةٍ
أيُّها الوَطنُ المَريض
هي الأرضُ هَيكلٌ يَتداعى
وَغربةٌ عَديمة المَلامحِ
يا زَمنَ الخَرابِ
َكَرِهَ الحقُّ وبالبغيِ أفتَتن
نَحنُ القفرُ يا أُماهُ ولا غَيمَ لَنا
يَتامى حُب وَثَكالى وَطنٍ.
(القدس الموحدة عاصمة فلسطين الأبدية).
فايز حميدي.
فلسطيني مغترب.
تعليقات
إرسال تعليق