(حوار): الكاتبة اللبنانية "مي خليل" لجريدة الديار.

 

مي خليل للديار

الوظيفة تحد الطاقة...

على المبدع ألا يبيع وقته لمن لا ثمن له،

وبالنسبة للترانيم فلم أسمع صوت الله فيها.

حاورتها: جويل عرموني

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"مي خليل" كاتبة ومبدعة غير عادية، ذات عمق ودفء إنساني وحساسية فوارة، 

كُتُبُها كنوز ورؤيتها للعالم تذكرنا بعاصفة من آلاف الأسئلة والأمل والفلسفة الواقعية 

والمشاعر العميقة.

عانقت فلسفتها الأثير ليحمل أفكارها إلى ما وراء البحار، فأشعلت المحن في حياتها نارًا

أحرقت بها واقعًا لتجعل من قلب الحلم نبضًا لكلمتها.

ترجمت كتاباتها إلى الفرنسية والإنجليزية، وذلك بعد نيلها لقب "أديبة العام" في

نيويورك من قبل مجلة "ستارز ماغازين" العالمية.

اليوم كتابها الأخير "لتقرأ عيون الدهر" تتبناه أكبر دار نشر في فرنسا، إذ تمت ترجمته

بإشراف الكاتب "أمين معلوف" وكتابته المقدمة.

خصصت الكاتبة "مي خليل" لموقع "الديار" هذه المقابلة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مي خليل، أين أنت؟

في البعيد، أنا لذا أشعر أنني لن أصل إلى أناي وأركض وراء أفكاري إلى ما لا نهاية،

أنا خيال الماضي وقلب الحاضر وروح الآتي، أنا في كل كلمة كتبتها لتكتبني، وفي كل

فكرة ولدتها لتلدني... لذا أتوارى أحيانًا كي أجعل مخيلتي تحبل بأفكار نقية لا تشوبها 

غبار الأيام.

أنا أحجب ذاتي كي لا أجعلها تخنو لمعركة السخافات والتفاهات.

أنا الآن تفرغت للكتابة، وأصبحت أملك كل الوقت بعدما أن تحررت من الوظيفة.

هل تقصدين أن الوظيفة تكبل الافكار وتسجن الإبداع وتحد الطاقة؟

نعم، إنها كل ذلك... على المبدع ألا يبيع وقته، مهما كان الثمن، لمن لا ثمن له مع 

الوقت.

إنّ الوظيفة توقعك في الروتين، فتشعرين أن إبداعك معها يسير إلى الوراء، وليس إلى 

الأمام.

ربما تجربتي مع الوظيفة جعلتني لا أرى سوى أمواجها التي تجرف كل شيء، لأنها لا 

ترى الإنسانية والعدالة، وأتت نظرتي السلبية هذه لأنني في المستشفى تبلغت بتركها.

لذا أنا أرتاح مع حريتي الآن في بيتي ومع قلمي في كل آن.

 

ما هو حلم مي خليل؟

إن حلمي هو أن أوصل أفكاري لكل الكون، أرضًا وسماءً، وأن أملأ الدنيا أناشيدَ للحب، 

وتراتيلَ للعذراء، وفلسفةً للأزل.

أنا الآن حرة بوقتي، بحلمي عدت إلى ذاتي، وإلى الخلق المطلق الذي لا يشوبه أي قيد 

زمني، سأبقى أكتب كي تردد الأجيال.

 

كيف تنظرين اليوم إلى الترانيم التي تنتج؟ وأنت التي طبع اسمك بكتابة الترنيمة، إذ أنك

حركت الإيمان في قلوب الناس؟

أنا لم ار الله في معظم التراتيل التي تنجز هذه الفترة.

فالترنيمة هي ليست استعراض الصوت والمرنم، في الترنيمة وحدها الكلمة التي تمسك 

قلب المتلقي لترسم الله في داخله، الترنيمة هي وحي من الله لتجعل كاتبها أو مؤديها 

مصباحًا لنور الله، فلم أر الله في أغلب الترانيم، إذ أن كتابة الترنيمة تكمن صعوبتها

بإيصال الله، وليس بإيصال الصوت والوتر والصورة.

وقلة هم من يستطيعون كتابة ترنيمة فيها الله وفيها الإيمان، لأنه من يريد كتابة ترنيمة 

عليه أن يكون مغرومًا بالله، فكيف نراهم يكتبون لله هنا ولراقصة هناك.

لن أسمع صوت الله، لن أراه، لن أجده في معظم ترانيم هذا الزمن، تمامًا كالأغنية، 

أترين في الأغنية هذه الايام الحب أو الأصالة؟ إنه لَزَمَنٌ ليس بزمنِ الخلق والإبداع.

 

ألم تفكري بكتابة أغنية؟

لقد طُلِب مني، ولكنني لست منها، وليست مني كتابة الأغنية.

إنّ رسالتي فلسفية دينية، وليست دنيوية.

 

أتعتبرين نفسك فيلسوفة، وماذا تقولين للحياة للموت؟

لقد لفتني سؤالك "جويل"، ربما أنا فيلسوفة فاشلة في حياتي، لأن كل ما أكتبه يأتي بعد

تجربة من الحياة وعقاب من السنين، وربما سأصبح فيلسوفة ناجحة بعد مماتي، لأن لا 

دروس ولا تجارب في الموت.

أقول للحياة، أو بالأحرى أسألها: أأنت حياة أم موت، كوننا نموت فيك ألف مرة قبل أن 

نموت ذات مرة.

وأقول للموت: سأبقى أخافك، ولو أنك خلاصي من آلامي ومن الحياة.

 

ألم تفكري بكتابة مسلسلات وروايات؟

أبدًا، ولا أي مرة، فأنا أتوق بكلمتي إلى ما بعد الأزل، لأنني أريدها أن تقودني إلى 

الخلود.

فأنت وأنا وكل الأجيال ما زلنا إلى الآن نقرأ ونتعلم أرسطو، جبران، نيتشه، فولتير 

وغيرهم.

فهل أنت وأنا والأجيال ما زلنا إلى الآن نشاهد مثلًا "أبو سليم، أم أبو ملحم"؟!

والروايات صورة عن المسلسلات، تكون وليدة بيئة معينة تموت بنهاية كل حقبة زمنية.

أنا أكتب خواطر فلسفية يرددها لسان الزمن، وترنيمة تخلد في قلب الله.

 

مي، ما هي أمنيتك للسنة الجديدة؟

أن تعيد الزمن الجميل.

 


 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قراءة في رواية "عِقد المانوليا" للكاتبة المغربية نعيمة السي أعراب بقلم الناقد عز الدين الماعزي

العاشق الأسود / قصة قصيرة / نعيمة السي أعراب.

أطياف المرايا / قصة قصيرة / الأديب المغربي الأستاذ رشيد مليح.