قراءة في عمل تشكيلي للأستاذ الفنان المغربي عبد الرحمان الغندور / الناقد الأستاذ علي اليدري علمي.

 

قراءة في عمل تشكيلي

للأستاذ الفنان المغربي عبد الرحمان الغندور

الناقد الأستاذ علي اليدري علمي  

وأنا على عتبة تدوين بعض الأفكار، حول هذه اللوحة التي يرهننا صاحبها الأستاذ الغندور بالتعقيب عليها، استحضرت ملاحظة مرتبطة باقتنائي للكتب، حيث أنجذب نحوها تحت تأثير اللوحة الموجودة على الغلاف، قبل أن اتفرس العنوان، ولذلك دلالة مفادها أن اللوحة التشكيلية هي عبارة عن كتاب مدون بحروف غير الحروف المعتادة... إنها الأشكال والألوان.

وإذا كنا، حيال عمل تشكيلي، نتوحد حول قراءة قيمته الجمالية، فإننا، نجدنا على تراتبية في قراءة الأبعاد الفكرية الكامنة، توازيا مع خبرتنا في الميدان التشكيلي أولا، ومخزون ثقافتنا بشكل عام.

تأسيسا على ما سبق، نسجل أن اللوحة التي بين أيدينا تندرج ضمن التشكيل التكعيبي المرتبط ببيكاسو، والمعتمد على تنوع الأشكال الهندسية، فتثير انتباهنا في اللوحة الأعمدة المستقيمة، والدوائر، والأقواس... وهي أشكال بدلالة وجود يد بشرية ترتب الحياة وفق تصور أو حاجة، إنها رموز لدينامية في الفضاء، كأنما ترصد ما هي عليه واقعة عيون مبدعنا.

وتحضر الألوان لتأخذنا في رحلة تأمل، حيث يتقاسم الأزرق برمزية الحياة، والأحمر برمزية الأمل، الفضاء، منبثقين من عتمة السواد. والأصفر والأبيض مساحة للشفافية والوضوح، مؤمل امتدادهما. وتأشير على حتمية التعايش بين الألوان والأشكال.

وما كان ذلك كافيا لإشباع نهمنا، ونحن نتفرس اللوحة، فالابتعاد عنها قليلا، يتيح لنا تجميع كل هذه الجزئيات تحقيقا لوحدة موضوع اللوحة. فيلوح لنا في مركزها جنين يتشكل، ويتوق للانبجاس، والخروج إلى رحابة فضاء يعج بالحياة والنور، في تطلع مشروع.

ولا يقتصر مفهوم الجنين هنا على الكائن المتشكل في رحم المرأة، بل هو برمزية كل إنسان تحاصره أنواع الحواجز والكوابح، فيسعى إلى كسرها، كي ينعم بالحرية، حيث تكتمل هوية الإنسانية.

ليس لي بد من توجيه تحية حارة، وجزيل الشكر لصديقنا الأستاذ عبد الرحمان الغندور، الحريص على إشراكنا في موائده الإبداعية، عسانا نحسن ازدرادها.

علي اليدري علمي

 

 

عبد الرحمان الغندور