حكاية السمراء الجميلة / خاطرة / الأديبة نجاة البدوي / المغرب.


 

{ حكاية السمراء الجميلة }
خاطرة. 
 
هل سمعت بحكاية الفتاة السمراء؟
صبية جميلة تسكنها عجوز شمطاء، لا تكف عن البكاء والرثاء، ترثي أسمالها البالية، عاداتها القديمة وقلعتها البيداء.
داخل القلعة شيخ يسدي الأوامر بعكازه، يلوح به آمراً بغلق الأبواب كلما أرادت أن تفتحها لتستنشق الهواء وتتمتع بالمطر وهو يعزف على خصلات شعرها في فصل الشتاء.
فتاة تتقن كل لغات العشق، لكنها خرساء.
فهل سمعت بحكاية الجميلة الخرساء؟ !
كتبت حكايتها على رمال الصحراء... كتب عنها شاعر النساء... داست أقدام العجوز الشمطاء على أشعاره، ووضعت على عنق السمراء الجميلة سلاسل، وعلى رجليها خلاخل، حتى أصبحت عرجاء... وضعت على عينيها رداء، فصارت عمياء، لا تبصر غير الشيخ وعكازه ونساء القلعة البيداء، وأعطتها كتابًا فيه وصايا عشر ولافتة مكتوب عليها إرشادات وعنوان تلجأ إليه للاستفتاء... مكتوب على اللافتة "العشق ممنوع، الخمر ممنوع، فالخمر والعشق للرجال وليست للنساء.
مكتوب على اللافتة أيضًا أن العجوز الشمطاء تكره الشعر... تكره أحمر الشفاه... تكره الرقص، وتكره،
تضاريس جسد حواء.
مكتوب على اللافتة" ماذا يجب أن تفعل النساء، وما يحرم فعله على النساء.
مكتوب عليها مقاييس فساتينها... ألوانها... كيف يجب أن تكون: بيضاء، أم سوداء؟
مكتوب عليها كل تفاصيل حياتها الجوفاء.
مكتوب عليها أيضًا شرائع حركاتها وسكناتها... مكتوب عليها القداسة للآباء، والخزي والعار لكل من التحفت مئزر الإباء، أو قالت إن الأبناء سواء، فهم ليسوا سواء...
إنها حواء التي عزفت على خصرها أعذب الألحان، شيدت بين نهديها قصائد العظماء، وسال مداد شيخ القلعة عن قصة الإغراء والإغواء... كتبت عنها أساطير الغرانيق العلا، عشتار، أفروديت، إيزيس، ونوت إلهة السماء.
لكن السمراء الجميلة لم تسمع من كل هذه الأشياء غير أسطورة الإغواء، فقدت أخرجت آدم من الجنة، وعليها أن تحمل وزرها إلى أن تشاء.
 
نجاة البدوى.
المغرب.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قراءة في رواية "عِقد المانوليا" للكاتبة المغربية نعيمة السي أعراب بقلم الناقد عز الدين الماعزي

"العزيف" / نص مسرحي من فصل واحد / الكاتب والمخرج العراقي منير راضي / النص الذهبي الفائز في مسابقة الرؤى المسرحية 1 / السلسلة الثانية 2024 / في إبداع النص المسرحي من الفصل الواحد

{ سيدتان عالمتان بسري } قصة قصيرة / الأديبة الروائية والقاصة السودانية الأستاذة مروة أسامة.