محكي الغياب / المجموعة الأولى / الأديب المغربي عبد الرحمن بوطيب.
[ محكي الغياب ]
1/ أنفاس.
قمر المدينة ما عاد يطلع؛
كل الشوارع أقفرت إلا من كلاب
ضالة وأطفال شوارع يسرقون
أنفاساً متقطعة من أكياس
بلاستيكية سوداء تنتفخ وترتخي
على نبض بطون فارغة.
——————————————————
2/ أقدام حافية.
المدينة نائمة؛
وحيداً، متشرد الحي يهرول بأقدام
حافية وهو يغني "مدرستي
حلوة... مدرستي حلوة".
——————————————————
3/ رحلة ليلية.
شارع ضيق؛
ظلمة الليل تتكسر على ضوء سيارة
أجرة خافت خفوت صوت السائق
يلاطف زبون علب الليل فاقد
الوعي لتحصيل مستحقات عداد
الرحلة الليلية جرياً وراء لقمة
لأفواه لا تنام.
——————————————————
4/ غَبَشُ ظُلْمَة.
غَبَشُ ظُلْمَة يلف جنبات مدينة؛
انتهاء صلاة عشاء،
مصلون يغادرون مسجد الحي
تباعاً...
وهما يغادران، حَدّثَ صاحبَه عن
حقوق الأطفال وواجبات الآباء...
مَرَّ الجسدان على شبح امرأة، أو ما
شابَهَ، تلتحف خماراً أسود من
سواد ليل بهيم قاعدة جوار عتبة
المسجد...
وليد يرضع طرفاً من خمار أسود...
طفل يمد يده المرتعشة لمصلين...
علب أدوية فارغة نائمة على منديل
وسخ فُرِشَ أمام شبح خمار أسود.
——————————————————
5/ غمزة.
منتصف ليل أدهم؛
عاملةُ فوجِ ليلِ معملٍ تسير على
عجل في الدرب الموحش...
عشاقُ سهرِ ليلٍ وسفرٍ بالدماغ إلى
ما وراء سحاب غير ماطر
يفترشون الطوار...
قال قائل منهم:
(غريبة هذه النادلة، لم تقتنص
زبون ليل ينقلها بسيارته إلى علبة
ليل أسود).
عبد الرحمن بوطيب.
المغرب.
تعليقات
إرسال تعليق