أنا وأنت / الأديبة التونسية الأستاذة فوزية البوبكري.
[ أنا وأنت ]
هل رأيتك من قبل ؟
ربما !
ربما كنا بطلين بين فصول رواية لم تنشر، أو قد نكون اصطدمنا ببعض يوماً في زحمة مدينة عتيقة.
تلك المدينة التي لم تطأها قدمانا أبداً، فتصافحت عيوننا وأنت تحاول إمساكي
حين تعثرت وكدت أسقط.
ثم بعد عمر
بعد حلم التقينا
عرفت حينها أنك الحلم وتفسيره
وأنك الورد وعبيره
وأنك السحر الذي أنبأتني به العرافة يوماً
لما كنت هناك من زمان
تحت شجرة التوت العتيقة
ألعب بدميتي وأركب أرجوحتي
استمع لحكايات العجوز عن الساحرات
وعن بلاد الواق واق المثيرة.
والتقينا
فاكتشفت أنك وقع ذلك السحر
وأنك أنت تأثيره
أسئلة كثيرة راودتني
حيرتني
وحين جئتَ على حين غفلة
فككتَ كلّ المعادلات المستحيلة
فكنت اللغز
وكنت تأويله.
يا أنت
يا أنا
تحدّثني نفسي أحيانا أننا كنا واحدا.
ثم حدث الانفجار
فانشطرنا جزئين
حملتني الرياح جنوبا
وأخذتك أنت بعيداً هناك
في أقاصي الشمال
وباعدت ما بيننا الجغرافيا
والأقدار.
كان هذا منذ بداية التاريخ.
الآن أفهم لماذا كنت أترنح دائما
أتعثّر وأحيانا أنهار
كلما سرت بين الدروب
وأفقد توازني كلما حاولت القفز أو الطيران.
أو لما حاولت مرة الهروب
فهل كنت كمن يسبح ضدّ التيار ؟
إلى أن التقينا ذات حلم.
وإذا بكل النقصان يكتمل
وكل الحزن الذي لم أكن أحتمل
يصبح مُحتَمَل
أنت وأنا
كلما تباعدنا تقاربنا
وكلما صمتنا تحدث الصمت من حولنا حكايا لا تنتهي
غير قادرة جغرافيا الطبيعة
على أن تخلق المسافات بيننا
كل أحلامنا التي رسمناها
كل قصائدنا التي كتبناها
كل لقاءاتنا التي تخيلناها.
كل الكلام
كل الأوهام
لم تختف يوما
تبخّرت وتحوّلت لغيوم
وذات خريف
وكمطر غزير
انهمر حبنا على هذا العالم الكئيب
فأزهرت الحدائق من جديد.
لينبُت مع كل صباح أكاليل ورد
تُوشّي حروف القصيد
هل انتهت الحكاية ؟
تصمت شهرزاد ليولد من رحمها
ضوء النهار.
فوزية البوبكري (الأم فوزية).
تونس.
تعليقات
إرسال تعليق