ورقات الغيم / الأديب البشير عبيد /تونس.


* ورقات الغيم *

ربما غاب عن العيون صهيل الخيول
ونام الرجل الشريد على رصيف الحكاية
لم تكن البلاد التي اسمها الخضراء
تبحث عن الينابيع في عز الظهيرة
بل كانت القوافل الآتية من أقاصي الشمال 
ترمم أخر ما تبقى من القلاع...
أسراب من حمام حضرموت
يحلق بعيدا
و الأجنحة لا تخاف من رايات الجنوب المتاخم للأنين
هذا بريق المعركة أم لهيب الحساب
الأخير؟
هذا طريق الفاتحين باتجاه الغروب
أم درب الخارجين عن حياض القبيلة؟

واقفاً على أرض ثابتة
و عيناه باتجاه الأقاليم البعيدة
يباغت خصوم الوردة قبل إعلان الرحيل
وانفتاح المرء على مرايا الكلام الفصيح
ها هنا جدار قديم 
 وولد جريح
وارتماء الجسد العليل في المياه
أصوات العنادل غابت عن المشهد
وصار بإمكان الأصابع أن ترفع الرايات
قريباً من التخوم
بعيداً عن صمت القرى
وانحناء الجباه
هنا كيان وسيرورة حذو الغياب
وأولاد لا يخافون من ديمومة الأشياء
ربما لم يكن في الحسبان هروب الفتى 
من صدى الأمنيات
وانفتاح الرؤى على المكان القصي

أقلام تكتب النشيد المشاكس
وأصوات الغرباء تباغت الأجساد
ليس في السفينة ربان ولا مسافرون
ليس في المدينة الهاربة من الأضواء
عشاق للزمن القديم
بل مازال في الوقت متسع لإغراق المراكب...
واقتراب الضفاف من الينابيع
الأنهار هي البوصلة
و الأقمار هي المفاتيح
والأزهار هي الروح المسافرة إلى الدهاليز....
سماء القرى تضيء الدروب
وزفرات الجريح الأخير
تربك ورقات الغيم

حين تكون وحيداً جالساً على رصيف
المتاهة
يباغتك الفتى بالصراخ
أنت الآن خارج الأسوار 
ولا أحد يسألك عن جراح البلاد التي سافرت إلى ملكوت الغياب
هنا يداي تسأل العالم
عن خطاي كيف أخذتني إلى السراب. 

البشير عبيد
شاعر و كاتب تونسي. 
26 فيفري/فبراير 2022.


تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قراءة في رواية "عِقد المانوليا" للكاتبة المغربية نعيمة السي أعراب بقلم الناقد عز الدين الماعزي

العاشق الأسود / قصة قصيرة / نعيمة السي أعراب.

أطياف المرايا / قصة قصيرة / الأديب المغربي الأستاذ رشيد مليح.