دفتر حضور وانصراف / قصة قصيرة / أ. سمير لوبه / مصر.
« دفتر حضور وانصراف » قصة قصيرة
‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘‘
رنينُ المنبهِ يتسللُ لأذنيه ؛ ينتفضُ من سريرِه يتأكدُ من الوقتِ ، يتحاملُ على جسدِه المترنحِ ، يطرقُ نافذةَ الحمامِ برفقٍ ضوءُ النهارِ الوليدِ ، ينظرُ في صفحةِ المرآةِ يتفحصُ صورتَه ، يفردُ بكفِه تجاعيدَ وجهِه يرفعُ كفَه عن وجهِه فتعودُ التجاعيدُ أدراجَها ، تراقبُ عيناه من خلف أجفانِه المنتفخةِ شيبًا احتل رأسَه في غفلةٍ من الزمنِ ، يرتدي أمامَ المرآةِ معطفَه ، يضعُ على عينيه نظارتَه الطبيةَ ، يجمعُ أوراقَه المبعثرةَ داخلَ الحقيبةِ ، ينظرُ في ساعتِه ، عقاربُ الساعةِ قد توقفت فيدركُ أن عليه الإسراعَ فقد يتأخرُ على دفترِ الحضورِ والانصرافِ ، ينطلقُ في الطريقِ الموحلةِ ، تحفُه الأشجارُ الضخمةُ من الجانبين ، تتدلى منها الأغصانُ الجافةُ تتعلقُ بمعطفِه ؛ تضطرُه للانحناءِ والسيرِ حبوًا ، وفي نسخةٍ مكررةٍ من أيامِه تنتابُه نشوةُ الانتصارِ المعتادةُ ؛ فهو أولُ من يوقّعُ في الحضورِ ، يجلسُ مع أوراقِه يلقي رأسَه بينَ الحروفِ والأرقامِ لا يرفعُها إلا مع رنينِ جرسِ الانصرافِ ، يرتدي معطفَه ، يلملمُ أوراقَه يحملُ حقيبتَه ، هو أخرُ من يوقّعُ في الانصرافِ كما اعتاد ، وفي الطريقِ الموحلةِ بينَ الأشجارِ الضخمةِ تضطرُه أغصانُها الجافةُ للانحناءِ والسيرِ حبوًا فلا تشتبكُ بمعطفِه ، يفتحُ بابَ الشقةِ ليجدَ أهلَه يتوشحون السوادَ وكأن على رؤوسِهم الطيرَ، يلقي السلامَ فلا أحدَ يردُّه ، ينادي فلا يجيبُ نداءه أحدٌ ، يدخلُ حجرتَه فيجدُ معطفَه معلقًا ونظارتُه بجوار الحقيبةِ على المنضدةِ ، يقفُ مشدوهًا أمامَ صفحةِ المرآةِ فلا يرى صورتَه .
بقلم سمير لوبه ( مصر )
تعليقات
إرسال تعليق